مقابلات

 أ.د. هاشم حسن التميمي لـ”برقية”: سأكشف بالوثائق من كان وراء سَجْني..وأطالب بإعادة محاكمتي!!  

    كان اسمُ شهرته صحافياً “هاشم حسن”، ثم صار “د. هاشم حسن”، وبعد الاحتلال سنة 2003، اختار أنْ يُعرَف بشُهرتهِ الجديدة “د. هاشم حسن التميمي”.. عَرفتُه لعقود، نزيهاً، جريئاً، وكاتباً “مثيراً”، واعتززتُ دائماً بميلهِ إلى الاستماتة في الدفاع عن الحق، ونبذ الظلم، ومحاولة ترسيخ القيم المهنية في العمل الصحافي.

    طُردنا بأمر الرئيس السابق صدام حسين من رئاسات ثلاث صحف الأستاذ داود الفرحان، وهاشم حسن، وأنا لـ”أمرٍ صحافيّ” لسنا ذوي علاقة مباشرة به!. والمشكلة باختصار أنّ الرئيس عرف من اجتماع مع كادر صحيفة “المصوّر العربي” أنّ الثلاثة “داود الفرحان، وهاشم حسن وصباح اللامي”، هم مَنْ كانوا وراء “سيل النقد الصحافي الجارف”، وأنّ الصحفيين الشبّان، تعلّموا “السّحرَ” من هؤلاءِ، فبطش بنا القائد بقرارِ عزلنا، ومنعنا من العمل في أيّ مكان، وقال اتركوهم في بيوتهم للزمن!!.

      أنا هربتُ إلى عمّان فكندا، وداود الفرحان سُجن في جهاز الأمن الخاص، ثم أطلق سراحه، أما هاشم حسن، فحاول الهربَ “مسافراً” لكنّه كما حدّثني وقعَ في “الفخ”، وسُجن، ثم هرب بعد ذلك بنحو سنتين..وظللنا على تواصلنا من حين لآخر. وأنا شخصياً برغم معارضتي لـ”طاقة الاندفاع الجارفة” التي يتمتع بها صديقي العزيز “أبو غاده” الدكتور هاشم، أجد نفسي دائماً معجباً بحماستهِ المهنية، وبأنَفَتِه أمامَ الصغائر، وبـ”وَجْدِه الاجتماعي” في الدفاع الطبقي عن حقوق الكادحين. وأهم “لقطة” لبِنية هاشم حسن الإنسانية، هي أنه، وأكشف عن رأيي بـ (تعبير مجازيّ) دائماً يشعر بـ”المظلومية” على غرار “شيعة العراق”، فهم يحكمون البلد منذ عشرين سنة لكنّهم ما فتئوا يلوّحونَ بشعار “المظلومية”!!.   

     وأبو غاده، باعترافٍ أسجّلهُ بحقّهِ، وأنا مسوؤلٌ عنه: “لم يكنْ يوماً طائفياً، ولا مثقفاً إيديولوجياً، ولا صحافياً محنّطاً، وهو نظيف اليد، والقلب، لكنّه أحياناً “فاحش اللسان”، لاسيما إذا “داسَ” أحد ما على طرفِ “دشداشتهِ”، فهو وإن عاشَ في المدينة، ظلَّ منتمياً إلى حقلهِ الريفيّ في ديالى، فلاحَ النشأة، يعشقُ الشجرَ، والعصفور، ولم ينسَ إلى الآن جمالَ تعفير جبهته بطين الأرض، طفلاً وفتىً.

       كانَ بودّي أنْ أطيل الحديث عن “أبي غاده” لكنْ لا أريد أنْ أثقلَ على القرّاء، فأسئلتي دفعت الدكتور هاشم من جديد إلى ميزة إخلاصهِ لسجيّته في “إشعال الحرائق الصحفية”، وها هي ذي إجاباته:   

   **”برقية”: أريد أن أبدأ أسئلة مقابلتي معك بالاستفسار عن شيء لم نطرقه من قبل برغم عقود علاقتنا الطيبة؛ ما هي هواياتك، أو ملكاتك غير القراءة والكتابة؟..وإنْ كنتَ لم تنشغلْ يوماً بشيء آخر، فلماذا برأيك، فلسفها إنْ أمكن؟!

    ـــــــــــــــــــ أ.د. هاشم: أخبرني أبي أنّني هبطت الى الدنيا في يوم شديد البرودة كانت السماء تغطي الارض بنثار الثلج الأبيض…حينها كنتُ اصرخ دون توقف ربما  لخروجي من مكان آمن الى عالم مخيفٍ متوحش…. ومازلتُ وانا على أعتاب السبعين أشعر ان صرخة مدوية مازالت في اعماقي وما بين يوم ولادتي  ويومي هذا لم اكف عن الصراخ  وأكثرهُ ألماً حين اكتمه لسبب ما… اصرخ احتجاجاً على الظلم وانعدام العدالة ….وكل أنماط كتاباتي هي تعبير عن هذه الصرخة الاحتجاجية التي كلفتني الكثير.

    منذ البداية جمعت النقيضين التمرّد والتحدّي  والميل الى السكون وعبادة الطبيعة.. قادني الاتجاه الاول للصحافة وعشق المسرح واوشكتُ أن أكون ممثلاً حيث انضممتُ إلى فرقة مسرحية في كلية الآداب رغبة مني أنْ أعتلي خشبة المسرح وألقي صرخة مدوية تحرُّك مشاعر الناس وتحرّضها على التمرد…. قادتني الظروف لدهاليز صاحبة الجلالة… ومازلت أحن الى جذوري  الفلاحية …وانا طفل صغير كنت أمضي معظم وقتي تحت ظلال شجر النخيل في بساتين ديالى ومازلتُ اتحسَّس الندبات ومواضع لسعات إبر السعف المدببة التي كانت تدمي أقدامي وانا اجوب دروب البساتين  بحثا عن أعشاش البلابل التي ارتبطتُ بها وعرفت اسرار تغريداتها وبعضها صراخ من الخوف…

      انغمست ايدينا وملابسنا بالطين ونحن نصنع  بيوتاً واكواخاً وقطعاناً من الماشية وبقية الدواب…تعلّمتُ أنّ  للأشجار والنباتات ارواحاً  تشعر، تتحسس الضوء والصوت، وتحب الموسيقى وتكره القيود وتنشد الحرية فهي لا تعيش الا في تربتها وبيئتها  وحين تموت، تموت واقفةً بكرامةٍ ولا تُذلُّ نفسها مثل بعض البشر ونرى أغصانها تتجه باتجاه الشمس ولا تنحني الى الاسفل…واصبح عندي قاموس كبير   لفلسفة حياة النباتات واهمية ان يتعلم منها الانسانُ الحكمةَ…جذور النبات تحت الارض تتبادل الحوار والغذاء ومواجهة الاشرار من البكتريا والحشرات الضارة.. احلم أن امتلك مزرعة او اعمل فلاحاً بسيطاً في البساتين أعاشر الاشجار وأتامل حياتها واجمل لحظة عندي حين تزهر البراعم وتتفتح مثل ولادة طفل….  وحين يولد حيوان ناصع البياض يتلمس توّاً  الأرض ويحاول أن ينهض وما اجمل صرخته الاولى.

اتذكر ونحن اطفال صغار  نلوذ من شدة الحر الى ظل البساتين وحين نجوع يكتفي أقراني بما يتساقط على الارض من الرطب.. وأصرُّ ان اتسلق جذع نخلة احب ثمرها واصل لعثوقها المتدلية والتقط من حبات تمرها ما انتقيه وما الذّهُ حين تلتقطه من مصدره حتى اللحظة اتحسس  حلاوته ونشوة الوصول اليه!. 

   **”برقية”: بدأت الصحافة من أولى سلالمها، ثم أخذتَ بالترقّي شيئاً فشيئاً، فصرت رئيساً للتحرير، ودَكْتَرْتَ في عِلم الصحافة، ثم صرتَ عميداً لكلية الصحافة والإعلام.. أين وجدت نفسك؟!  

   ـــــــــــــــــ أ.د. هاشم: لا أبالغ  حين اقول انني  وجدت نفسي في الاثنين   الصحافة والتدريس في الجامعة والانغماس في فعالياتها المعرفية واكتشفت وجود قاسم مشترك بين الإثنين وهو التقصي وآليات البحث عن الحقيقة  بصدق وتجرّد باختلاف الآليات ومازلتُ اجمع بينهما بعدالة وإنصاف…. اما عمادة الكلية فهو منصب تولّيتُه على مدى عشرة اعوام ومنحتُه استحقاقه الكامل وتمكّنت بمعونة الله وقلة من الزملاء أن أحقق استقلالية الكلية سياسياً وإبعادها عن الصراعات وتحديثها تقنياً واكاديمياً وبصورة نوعية مما أثار الحاسدين والحاقدين والطامحين لمنصب العمادة ….وخرجت للتقاعد بمرتبة استاذ ولم أحصل على تقاعد الدرجة الخاصة، فشعرتُ بالظلم وانا ارى بعض طلابي الفاشلين سفراءَ ومستشارين وربما وزراء!..لم أندم لأن هذا هو ثمن الحرية وعدم الارتماء والركون للفاسدين ودكاكينهم الملوّثة.

  وكانت لنا مواقف وصولات  مع المعارضة العراقية وتفعيل إعلامها ونشاطها السياسي وكانت تجربة مريرة سنفرد لها ابحاثاً خاصة لأهميتها ولكشف اسرارها.

     **”برقية”: أبا غاده، قيل الكثير عن سَجْنِك إثر َمغادرتك العراق قبل الاحتلال .. ما القصة بتمام حقيقتها وأنا أقدّر درجة صدقِك ودقّتك؟ فأوجزني بتفصيل مجزٍ؟.

     ــــــــــــــ أ.د. هاشم: أعتقد انك أخي العزيز كنتَ قريباً مني  مهنياً وانسانياً ومطلعاً على أسراري وموقفي من النظام ومحاولاتنا المشتركة للتصدّي، وتذكر مواجهتنا لوزير الثقافة عبد الغني عبد الغفور وما أنجزناه في الصحافة الأسبوعية من مشروع لتحرير الصحافة من القيود..وبعد اشتداد الحملة وشعورنا بالخطر قررنا مغادرة البلاد ونجحتَ أنتَ واوقعوني في “الفخ” بمعونة بعض الصحفيين الذين كانوا وكلاء للمخابرات وسأعلن في الوقت المناسب أسماءهم وهم يتمتّعون الآن باجواء الرفاه الخليجي…..  وربما سأقاضيهم ومعي وثائق الادانة…

      وباختصار نجحتُ بإصدار جواز سفر صحيح وليس كما أشيع حينها بأنه مزوّر وعند نقاط العبور في طريبيل منعوني من الخروج فعدت لبغداد وبعد أيام قليلة اختطفني جهاز المخابرات من داخل مقهى الشابندر  امام الناس… وبعد فترة غير قصيرة في زنزانات حاكمية المخابرات… كانوا يبحثون عن تهمة ملفقة وبعد ثبات صحة صدور الجواز وبناء على رغبة عدي صدام حسين لرفضي تولي رئاسة تحرير مجلة الرافدين…. وفي غرفة خاصة في محكمة جنايات الكرخ وبحضور مفرزة مسلحة من المخابرات اتهموني بمحاولة الهروب خارج العراق للالتحاق بالمعارضة وبعدَ فشل هذا الاتهام اتهموني بتقديم رشوة لضباط الجوازات لرفع قيود منعي من السفر صادرة من الرئاسة والمخابرات لدواعي الأمن القومي وهذا الاتهام مثبّت في مقتبس الحكم واستغل البعض من الحاقدين هذا الحكم بوصفه جنحة تقديم رشوة مخلّة بالشرف….ولهذا اسعى لرد الاعتبار قانونياً وانتزاع حقوقي المعنوية والمادية وفضح من تورّط في اعتقالي وتشويه سمعتي وارفق لكم مقتبس الحكم ووثائق تؤكد مصداقية قولي واطالب من خلالكم اعادة محاكمتي علنياً ورد اعتباري..

   **”برقية”: هل تعتقد أنَّ الصحافة العراقية مارست دورها (سلطةً رابعةً) في الخمسين سنة الماضية؟ ومن جانب آخرَ هل أنجبتْ مرحلة ما بعد الاحتلال صحفيين مبدعين؟!  

    ـــــــــــــــ أ.د.هاشم: إن تاريخ المنافسة والصراع  في تطور وسائل الاعلام وعموم وسائل الاتصال يكشف لنا أن البقاء للاسرع والأرخص ثمناً والأسهل استخداماً والأكثر ابهاراً هذا ما تقوله نظريات الاتصال ودليلها كان الدخان المتدفق من مكان مرتفع ثم المناداة بالاصوات وبعدها ما يسطر على ألواح الطين او البردي ثم هيمنت الصحافة الورقية وظهرت الاذاعة فسرقت واستمالت الكثير من جمهور القراء ثم حدثت ثورة الصورة فتالق التلفاز حتى انتشر الانترنيت والموبايل ونلاحظ ان هذه الوسائل تفوق الواحد منها على الآخر  ومازالت جميعها حية لم تموت… ولعل المستقبل واكتشافات الذكاء الاصطناعي وما يفعله الملياردير ماسك سيفاجىء العالم باغرب الاشياء حيث ستتغير اركان الاتصال كلها ليس فقط الوسيلة بل المرسل والمتلقي ومحتوى الرسالة وجو الاتصال وعلينا أن نتخيل حين تزرع الشرائح الذكية في أدمغتنا ماذا يحصل اعتقد ان الصحافة المكتوبة ستحتضر اذا لم تجدد نفسها وتوظف الابتكارات الجديدة في عملها.

    **”برقية”: برأيك صحافياً وأكاديمياً هل يمكن أنْ تُعطيني رأيك الحقيقي بمهنة الصحافة كـ”سلطة رابعة” في زمننا الذي نعيشه؟!  

     ـــــــــــــــــــــ أ.د.هاشم: بموضوعية تامة أقول المهنة توسعت جداً لدرجةٍ ضاعت فيها المعايير، وأصبحت مهنة للتسلق والابتزاز ، باستثناء بعض الحالات النادرة، وتحولت منابر الإعلام ومنصّاته إلى ما يشبه الأنظمة الشمولية، فثمة قادة للضرورة وأعضاء لمجالس ادارات بكامل الامتيازات، لكنْ من دون صلاحيات فضاع الخيط والعصفور واقرأ سورة الفاتحة على الحريات، بعد أن أصبحت السلطة الرابعة سلطة خائبة!. ولذا لم تعد الصحافة “صاحبة الجلالة”،لاسيما بعد شراء الذمم وتشكيل الجيوش الالكترونية وتحكّم المال السياسي وما يشاع من حكايات واتهامات في هذا المجال، أغرب من الخيال..!؟

   **”برقية”: أجبني بإنصاف ومن دون إسرافٍ في النقد الشخصي، ما حقيقة مشاعرك حيالَ المسمَّيات التالية: نظام صدام حسين، حكومة السوداني، الحِراك الطائفي، لقب “دكتور” في السنين الأخيرة؟

    ـــــــــــــــــ أ.د.هاشم: نظام صدام حسين شمولي دكتاتوري لكنه استطاع أن يثبت هيبة الدولة داخلياً وخارجياً، ويبسط الأمن ولكنه أيضاً سلب الحريات وبطش بمعارضيه ومخالفيه، والنتيجة خرب البلاد ودمر العباد….أما  النظام بعد عام 2003 فهو بلا لون ولا طعم او رائحة فليس شيوعياً ولا إسلامياً ولا علمانياً او قومياً…ديمقراطية فوضوية مزيفة  غاب عنها القانون وانتعش فيها اللصوص وتصدر المشهد المزورون والمغامرون وأصبح الحفاة مليارديرية والجهلة وزراء، والأغبياء سفراء ومستشارين ونواباً ومسؤولين بدرجات خاصة… والاستثناءات قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة…فالمناصب تحوّلت الى حصص تموينية بين الأحزاب فضاعت هيبة الدولة وتم تهميش المفكرين والمثقفين وعموم المواطنين وأصبح الولاءُ فوق الأداء… ولذا فإن أيّ رئيس وزراء باستطاعته أنْ يعبّر عن النوايا الطيبة مثل السوداني لكنه مقيد بنظام الحصص ومراكز القوى وعليه أنْ يوازن ما بين السفيرين الايراني والامريكية ويقرب حاشيته الخاصة مثل أقرانه…وفقط أدعوك لتأمل اعداد المستشارين وتخصصاتهم الدقيقة وانجازاتهم وتاريخهم المهني، لتحكم أنت أو القارئ على ما أزعمه. والسوداني أيضاً يحب ( الطشة) وتلميع الصورة، وهو مجبر عملياً ان يكون توافقياً وليس ثورياً ….ولكنه ومن سيأتي بعده لن يصل لمستوى الجهل والسوء الذي اشاعه الكاظمي صاحب المقوله الشهيرة إن كلكامش قاتل في صدر الاسلام.!

   أما الطائفية فهي من أخطر الامراض الاجتماعية تعبر عن شعور بالنقص وجلد الذات والعودة للماضي وتناسي الحاضر والمستقبل وتستغل هذا الشعور زعاماتٌ ورموزُ فسادٍ لزيادة ثروتهم وتعظيم سلطاتهم باشاعة الجهل والتعصب والخرافات

    وعن الدكتوراه، أقول: للأسف كانت للمتميزين المتفرغين للبحث العلمي بمتطلباته الصعبة واخلاقياته الرصينة واصبحت اليوم للوجاهة والتظاهر ولاحتساب الراتب والامتيازات بعد ان فقدت معايير جودتها والشروط الموضوعية للمنافسة والقبول ووسيلة للمكرمات واصبحنا نلتقي بفيالق من حملة (د) بدون استحقاق  وباعداد لا تحتاجها الجامعات والمجتمع وترفضها حقول الاختصاصات والغريب الاصرار على التوسع  ليحصل اصحاب المناصب والنفوذ على الدال الفارغة من الاجتهاد والجهد واصبحت تباع علنا في بلدان الجوار وتعلن كل يوم مكاتب عن استعدادها لكتابة اطاريح دكتوراه ورسائل ماجستير مقابل ثمن…  فقدت الشهادة العليا بريقها واحترامها وتحولت لورقة مجردة من العلم والاخلاق والحياء. لكن الحكومة تعترف بها وتمنحها الامتيازات. نحتاج لثورة اصلاحية في التربية والتعليم العالي لايقاف التدهور واعادة مجد الشهادة العراقية، وقيمتها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

     بعض سيرتي الذاتية:

    بدأتُ عملي الصحفي عام 1974 وأنا طالب في الصف الاول في قسم الاعلام في آداب بغداد…. ووجدنا حينها أساتذة من الطراز الأول سعوا بجد ومودة. تلقينا منهم دروس ومبادىء الصحافة الحرة، وزُججنا في تطبيقات عملية وتوبعنا ورُصدت نشاطاتنا وجرى تقويمها وتشجيعنا لتقديم المزيد وفي مقدمة هؤلاء الذين علمونا ابجديات الكتابة د سنان سعيد، ود ابراهيم الداقوقي، ود خليل صابات وآخرين…وأول من اصطحبني في جولات المندوب الصحفي المرحوم هاشم النعيمي في جريدة الجمهورية التي تدربت فيها لشهور عديدة وأول ما نشرته فيها، ثم انتقلت لجريدة الثورة وتعلمت من الذين سبقوني فنون الصحافة وفي مقدمتهم الصحفية الموهوبة إنعام كجه جي وزيد الحلي وآخرين…. وكانت لي تجربة مميّزة  في العمل  مراسلا حربياً واجهت فيها قسوة الحروب وخرجت بتجربة عميقة ومتفردة قادتني للاعتماد عليها في كتابة رسالة ماجستير عن المراسل الحربي في الصحافة العراقية عام 1988.

   وفي عام 1997 انجزت اطروحة دكتوراه عن القيم الاخبارية في الصحافة أشرف عليها استاذي الراحل قيس الياسري، وكانت الأولى في تخصصها

    واصلت عملي الصحفي واصبحت مراسلاً ومديراً لمكتب مجلة الوطن العربي الصادرة في باريس وعملت مراسلا لوكالة اورنيت  بريس. كما اشتغلتُ في اعداد برامج للاذاعة وللتفزيون مع فيصل الياسري.

باختصار عملت من مندوب حتى رئيس تحرير  في الاعلام المكتوب والمرئي والمسموع والالكتروني العام والمتخصص.. وكنت بدون ادعاء مغامراً من اجل الحقيقة فعبرت كل الخطوط الحُمْر وهذا الجهد موثق بالصورة والصوت وبما تعرضت له من قمع وتهجير.

   أحمل لقب (بروفسور) في فلسفة الاعلام ولي العديد من الكتب والابحاث ؤشهادات الخبرة وعملت عميداً لكلية الاعلام قرابة العشر سنوات ادخلت لها ستوديو حديثاً، للتدريب مع اذاعة، وكان الاول من نوعه في الجامعات، وأنشأنا مختبراتٍ ومسرحاً للمناسبات وقاعات للمناقشات ونجحت مع بعض الزملاء في تحديث مناهج  كليات واقسام الاعلام …. وقمنا  في تدريس الصحافة الاستقصائية والتربية الاعلامية واشياء كثيرة يذكرها العدو قبل الصديق.

   أشعر انني مازلت تلميذا يتلقى دروس الصحافة فالحياة تتطور والتقنيات تتغير ولعل شعاري وخطة طريقي استمدها من الامام علي (ع)، فهو القائل ( ذمتي رهينة بما أقول) ويعد ذلك اول ميثاق شرف في الصحافة والثقافة. وخارطة طريقي( ما الذي ينفع الانسان اذا ما ملك الدنيا وخسر نفسه) نعم خسرت أشياء كثيرة وبددت سعادتي واتعبت عائلتي والمقربين مني بسبب نهجي في الحياة والصحافة والجامعة، لكنني لم ولن اندم ولا اخجل حين انظر خلفي فلا أجد الا أثار دمي.

مقالات ذات صلة